في سنة 2004، بدأنا بالتعمق بموضوع النشاط الفعال. لقد رأينا هذا التوجه ناجعاً للاستعانة به لأن احد أهدافنا هو مساعدة السكان من مجتمعات مختلفة للتأثير على المدينة وعلى مجتمعاتها، سرعان ما تبين لنا ان هذه طاقة مهدورة سدى وبلا فائدة. لقد درسنا مبادرات لمظاهرات واحداث لم تساعد بأي شيء لأهدافها. شاهدنا افلاماً قصيرة نشرت على الشبكات الاجتماعية ومشاركات على الفيسبوك اغلبها الاعجاب والتي ليس فيها اي فائدة عملية سوى الاحسا “انا فعال”… وبدأنا نفكر ما هي صفات النشاط الناجع المفيد؟

نقاشنا الداخلي بمشاركة اصدقاء اخرين، ساعدنا ان نضع نصوصاً لمفاهيم عن فائدة ونجاعة سيرورات النشاط الفعــّال من بينها:

  • عرفوا مسبقاً نتائج واقعية تأكدوا أن ما تقومون به هو عنصر لتحقيق هذه النتائج.
  • كونوا عمليين ومبادرين قدر الإمكان ولا تتصرفوا كرد فعل. تأكدوا ان الاخرين يرونكم كعمليين!
  • جمع المعلومات وبناء القدرات: اجمعوا كل المعلومات الملائمة، توجهات متنوعة ومهارات متعددة تستطيع مساعدتكم.
  • جدول أولويات: لا تعملوا فقط الأمور الطارئة بل حسب ماهميتها (حتى اذا بدا الأمر لكم غير طارئ). مثلاً, سيرورات بطيئة نسبياً لبناء المجموعة الفعالة تتأجل احياناً من أجل “امور طارئة” لكن بدون طول النفس لهذه االسيرورات الهامة، قد لا تكون امكانية للتقدم لاحقاً بشكل ناجع.
  • يجب ان تفهموا “الطرف الاخر” جيداً – قصته وحساسياته ومصالحه واحتياجاته وتطلعاته …الخ. تماماً كأصحاب علاقة اخرين بما فيهم انتم ايضاً!
  • اجتهدوا لتبني توجه يقرب “الطرف الاخر” (مثل المؤسسات والجيران) اليكم. الأفضل هو ان يحسوا ان انقاذ النشاط الفعال هو نجاحهم هم ايضاً. فكروا (فوز للطرفين) Win-Win!
  • التكامل (المحصلة قد تكون اكبر من مجموع الأجزاء) هو امر هام – فعدة قوى جماهيرية متنوعة تستطيع معاً ان تخلق تأثيراً كبيراً. لا تبذروا الطاقة على نقاشات عن “الاستراتيجية الأصح” بل لتكن هناك عدة استراتيجيات على التوازي تؤدي لنجاح اكبر لتحقيق الهدف. إن وجود عدة شركاء مع موارد وقدرات وتحمس وجداول عمل متنوعه، يمكنه ان يساهم للوصول للهدف المشترك اذا نجحوا بالتنسيق بينهم كما يجب ،وامتنعوا عن التنافس على امور رمزية.
  • في العمل في مجموعة او مع المجتمع، تأكدوا أن لديكم تعريفاً دقيقاً لأساليب الاتصال بينكم واساليب اتخاذ القرارات. دققوا على وجود قيادة تفسح المجال للابداع (facilitative) وليس قيادة كارزمية.
  • كونوا منفتحين للأفكار الجديدة والإبداعية في كل مرحلة. اسمحوا لأنفسكم ان تكبروا وتتطوروا مع السيرورة.
  • كونوا نموذجاً يحتذى به في المجموعة – للنجاعة والاستقامة والجودة العالية.

بمساعدة هذه المفاهيم وجدنا أنفسنا نتحدث عن الموضوع ونحاضر عنه. كانت المحاضرات مقنعةومسلية وتشد الانتباه. وقد خرج الحضور من المحاضرات مقتنعين… لكنهم استمروا في سيروراتهم غير الفعالة وغير الناجعة. حيث تبين لنا أن المحاضرات عن الموضوع لم تكن ناجعة كما تصورنا.

عندها أوجدنا ورشة عمل بإسم “ميني أكتيف“. كانت الغاية منها منح الناس تدريب انفسهم لتغيير العالم باختيار عالم صغير جداً يغيروه. في ورشة ميني أكتيف المكونة من 4-5 مشاركين/ات، يختار كل مشارك/ة شيئاً يتحمس جداً لتتغييره او اصلاحه والذي يمكن اصلاحه خلال فترة قصيرة جداً لا تزيد عن شهر واحد. على الا يكون ذاتي الاصلاح بل يحتاج لتدخل من مؤسسات (كالبلدية او الحكومة او الجيران). على سبيل المثال اصلاح فانوس شارع او تحسين جمع النفايات او اصلاح غطاء للصرف الصحي او معالجة خطر أمان او اقامة فعالية مدرسية استئناف اجتماعات للسكان او اقامة لجنة عمارة…الخ .

لقد نجحت الفكرة والطريقة والاستجابات للمبادرات والمبادرين سمحت لللهم التعلم “على انفسهم بأنفسهم” مفاهيم تحويل النشاط الفعــّال لناجع وعملي. وعليه وهكذا كنا نفكر قبلاً، سيذهبون حتماً لتغير عالم أكبر…

لكن سرعان ما وجدنا انفسنا نستخلص “ميني أكتيف 2.0” والذي يعتبر تجديداً للفكرة الأساسية مع الاضافات التالية:

  • المشاركون/ات في المجموعات هم من نفس المنطقة ويعملون في المحيط القريب لمكان سكناهم. وهذا يعني ان كل منهم سيرى التغييرات الايجابية الجارية في الحي، حتى وان كانت نجاحات لاخرين يمكن للجميع الاستفادة من التغييرات والنجاحات كلها.
  • المجموعة لا تنهي عملها بعد التأهيل الأولي، ويتحول المشاركون لجزء من شبكة واسعة من النشطاء. ويستمر كل منهم بالبحث عن امور اخرى لحلها ويعملون بتكامل بينهم وتنسيق (مثلاً يختار كل واحد منهم تقديم شكوى عن لامبة واحدة والاخر عن لامبة اخرى في مكان محاذ من اجل انارة الشارع كله وبعد ذلك الحي كله فكل نشيط منهم يطلب من الاخر ان يشكو عن لامبة مجاورة وهكذا), يتم بذلك توسيع الميني اكتيف للفرد لماكرو–اكتيف جماعي (مثل تبديل خط مجاري على طول الشارع), يتعلم كل فرد من الاخر ومن الاستكمالات والأهم يخلقون مجتمعاً فعالاً وناجعاً.
  • كثيرمن النشطاء ترحون على اصدقائهم الانضمام للميني اكتيف ويبنون مجموعات جديدة.

تعمل شبكة الميني اكتيف الأكبر في القدس الشرقية، وفيها اكثر من 500 سيدة فلسطينية في غالبية الآحياء العربية في القدس (في القدس حوالي 300 ألف فلسطيني وفلسطينية). منذ أيار 2012، تطور هذه الشبكة نفسها طوال الوقت، فتحقق نجاعة دائمة في العمل والنتائج وزيادة في عدد النشيطات والأفكار الجديدة. لهذه المجموعة صفحة اجتماعية على الفيسبوك (“ميني اكتيف”).

شبكة ثانية، مكونة من حوالي 70 سيدة من المتدينات التي أقامها المركز الجماهيري في حي روميما. وتتم اقامة شبكات اضافية بالتدريج بالتعاون مع مكتب الرفاه الاجتماعي في تلبيوت في القدس (يوجد رجال في هذه المجموعات) وفي اماكن أخرى. في كل منطقة يوجد تلاؤم داخلي وتطور مستقل – هكذا يمكن ان نرى نماذج متنوعة لشبكات ميني اكتيف.

ان تشجيع مقدمي الخدمات (اقسام البلدية وشركة الجيحون للمياه والمجاري…الخ) هو جزء هام في سيروة العمل. مما يفاجئ ان كثيرين في هذه الأجهزة سعيدون بوجود نشاط ميني اكتيف. اذ يسرهم رؤية السكان يديرون احداثاً ويتابعون مشاكل حتى حلها ولو كانت شكوى. وقد لاحظنا تغيراً وتلاؤماً لدى عدد من مقدمي الخدمات نتيجة البرنامج، فمثلاً قامت البلدية بزيادة عدد موظفي مركز الاتصالات البلدي العرب من موظف واحد الى سبعة موظفين. ان العلاقات مع مركز الاستعلامات البلدي ممتازة، وتشمل تقريراً اسبوعياً منهم عن مواعيد عمل الموظفين العرب اضافة لنقاشات مستمرة حول سيرورات العمل واساليب تطويرها، وهي نقاشات تساعد على تطور ونجاعة العمل.